مراجعة لعبة Bahamut and the Waqwaq Tree

لعبة Bahamut and the Waqwaq Tree التي طورتها استوديوهات Starvania السعودية ونشرتها Soft Source Publishing، تُعد واحدة من الألعاب القليلة التي تحمل بصمة ثقافية عربية أصيلة، حيث تأخذنا في رحلة بصرية وروائية ممتعة مستوحاة من الأساطير العربية والشرق أوسطية. صدرت اللعبة على منصة Steam في 8 مايو 2025، مع خطط لإصدارها على منصات أخرى مثل PlayStation 4، PlayStation 5، Xbox One، Xbox Series X|S، وNintendo Switch في وقت لاحق من العام. في هذه المراجعة، سنستعرض جوانب اللعبة المختلفة، من القصة والتصميم الفني إلى أسلوب اللعب والأداء التقني، مع إلقاء الضوء على نقاط القوة والضعف، ومدى نجاحها في تقديم تجربة فريدة في عالم الألعاب.

القصة: نسيج أسطوري غامر

تدور أحداث Bahamut and the Waqwaq Tree في عالم معين، وهو محيط كوني كان يومًا ما جنة مزدهرة مليئة بالحياة والنور، لكنه أصبح الآن ملوثًا بكيانات مظلمة غامضة. تستلهم اللعبة أساطيرها من الفلكلور العربي، حيث يظهر بهاموت، الحوت العظيم، وفالك، الأفعى الضخمة، ككائنين أسطوريين يجسدان توازن النور والظلام في هذا العالم. في وسط معين، تقبع شجرة الوقواق، وهي شجرة أسطورية تنتج ثمارًا تولد منها كائنات المحيط. القصة تبدأ عندما تذبل الشجرة وتتوقف عن إنتاج الثمار بعد اختفاء بهاموت وفالك، مما يؤدي إلى تدهور معين. ومع ذلك، يظهر أمل جديد عندما تنبت غصن واحد من قلب الشجرة وتنتج ثمرة واحدة، ومنها يخرج بطل اللعبة، الذي يتولى مهمة استعادة النور وكشف أسرار المملكة المنسية.

الرواية في اللعبة عميقة ورمزية، حيث تجمع بين التأمل الفلسفي والأساطير القديمة. تُروى القصة من خلال مشاهد سينمائية مرسومة بأسلوب النقش (etching style)، مما يعزز من جمالية العرض ويضيف طابعًا فنيًا مميزًا. صوت بهاموت، الذي يروي الأحداث، يتميز بعمق وهدوء يساعدان اللاعب على فهم السياق الأسطوري الغني، رغم أن القصة قد تكون معقدة بعض الشيء في البداية. ومع ذلك، فإن التطبيق العملي للقصة يعاني من بعض المشاكل، حيث أشار بعض المراجعين إلى أنها قد تبدو غامضة أحيانًا وتفتقر إلى الوضوح في بعض النقاط، مما قد يصعب على اللاعبين غير المطلعين على الأساطير العربية استيعابها بالكامل.

أسلوب اللعب: بساطة ممتعة مع تحديات متدرجة

Bahamut and the Waqwaq Tree هي لعبة مغامرات ثنائية الأبعاد تركز على الاستكشاف وحل الألغاز، مع تجنب العنف والقتال التقليدي. يتحكم اللاعب في شخصية تسبح بسلاسة في أعماق معين، مستخدمًا قوة النور لإضاءة المناطق المظلمة، وحماية نفسه من الكيانات الداكنة، وحل الألغاز البيئية. أسلوب الحركة مستوحى من الخط العربي، حيث يعتمد على حركات فرشاة سلسة تتيح للاعب رسم أشكال معينة لحل الألغاز أو فتح المسارات. هذه الآلية مبتكرة وتضيف طابعًا فريدًا للعبة، حيث يمكن استخدام النور لأغراض متعددة، مثل توجيه كائنات النور أو فتح الأبواب.

اللعبة تقدم تحديات متدرجة، حيث تزداد صعوبة البيئات والألغاز كلما تقدم اللاعب في أعماق معين. النور الذي يستخدمه اللاعب محدود، ويجب إعادة شحنه في مناطق معينة أو بعد فترة زمنية، مما يضيف عنصرًا استراتيجيًا لتجنب نفاد النور في المواقف الحرجة. ومع ذلك، هناك بعض العيوب في أسلوب اللعب، حيث أشار بعض المراجعين إلى أن التحكم قد يكون غير دقيق أحيانًا، خاصة عند محاولة رسم الأشكال بدقة، مما قد يسبب إحباطًا للاعبين. كما أن وتيرة اللعب البطيئة قد لا تناسب اللاعبين الذين يفضلون تجارب أكثر ديناميكية، وقد يشعر البعض بالملل بسبب هذا الإيقاع الهادئ.

التصميم الفني: لوحة بصرية مبهرة

أحد أبرز جوانب Bahamut and the Waqwaq Tree هو التوجه الفني الاستثنائي. اللعبة تقدم عالمًا بصريًا مذهلاً يجمع بين الألوان المبهرة والتفاصيل الدقيقة المستوحاة من الثقافة العربية. تصميم العالم، الشخصيات، والمشاهد السينمائية يعكس إبداعًا كبيرًا، حيث تم دمج الحروف العربية ببراعة في زوايا مختلفة من البيئة والكائنات. القرى داخل اللعبة مستوحاة من العمارة العربية التقليدية، مما يضيف إحساسًا بالأصالة. تأثيرات الماء، سواء في المحيط النقي أو المناطق الملوثة بالظلام، تبدو واقعية بشكل مدهش رغم الأسلوب الكرتوني العام للعبة.

الموسيقى التصويرية تكمل التجربة البصرية، حيث تقدم ألحانًا هادئة تعزز من الجو التأملي للعبة. تصميم الصوت بشكل عام يساهم في خلق تجربة غامرة، حيث تتفاعل الأصوات مع حركة الشخصية والتغيرات في البيئة. هذا المزيج من العناصر البصرية والصوتية يجعل اللعبة بمثابة لوحة فنية تفاعلية، وهو ما أشاد به العديد من المراجعين، حيث وصفوها بأنها “تحفة بصرية لا يمكن إنكارها”.

الأداء التقني: تجربة سلسة مع بعض العيوب

من الناحية التقنية، تقدم اللعبة أداءً جيدًا بشكل عام على منصة Steam، مع حركة سلسة واستجابة سريعة للتحكم في السباحة. ومع ذلك، هناك بعض المشاكل الطفيفة، مثل عدم دقة التحكم في بعض اللحظات، خاصة عند التفاعل مع الألغاز التي تتطلب رسم أشكال معقدة. كما أن اللعبة تفتقر أحيانًا إلى التوجيه الواضح، مما قد يجعل اللاعبين يشعرون بالحيرة حول الخطوة التالية. مدة اللعبة قصيرة نسبيًا، وقد لا ترضي اللاعبين الذين يبحثون عن مغامرات طويلة مليئة بالتفاصيل.

الأصالة الثقافية: إنجاز يستحق التقدير

واحدة من أكبر نقاط قوة Bahamut and the Waqwaq Tree هي قدرتها على تقديم تجربة ثقافية فريدة. اللعبة تنجح في إبراز جانب من الثقافة العربية نادرًا ما يُرى في عالم الألعاب، مما يجعلها إضافة قيمة لصناعة الألعاب العربية الناشئة. إنها ليست مجرد لعبة عربية، بل هي تجربة فنية مميزة تستحق الاهتمام بغض النظر عن خلفيتها الثقافية. فوز اللعبة بجائزة “اللعبة المستقلة” في حدث Devcom 2024 في ألمانيا، بالإضافة إلى جائزة “Graphics Galore” في DevCom Indie Awards، يعكس التقدير العالمي لجودتها وإبداعها.

نقاط القوة والضعف

نقاط القوة:

• التوجه الفني الرائع: التصميم البصري والصوتي يخلقان تجربة غامرة تشبه اللوحة الفنية.
• الأصالة الثقافية: تقديم الأساطير العربية بطريقة مبتكرة يعزز من تمثيل الثقافة العربية في الألعاب.
• أسلوب لعب مبتكر: آلية النور وحل الألغاز المستوحاة من الخط العربي تضيف طابعًا فريدًا.
• جو هادئ وتأملي: اللعبة خالية من العنف، مما يجعلها مناسبة للاعبين الباحثين عن تجربة مريحة.

نقاط الضعف:

• وتيرة بطيئة: قد تكون غير مناسبة للاعبين الذين يفضلون تجارب سريعة الإيقاع.
• نقص التوجيه: غياب الإرشادات الواضحة قد يسبب الحيرة.
• مدة قصيرة: اللعبة لا تقدم مغامرة طويلة، مما قد يخيب آمال البعض.
• مشاكل التحكم: عدم الدقة في بعض اللحظات قد يؤثر على تجربة اللعب.

الخلاصة

لعبة Bahamut and the Waqwaq Tree هي لعبة استثنائية تستحق التقدير لما تقدمه من تجربة فريدة تجمع بين الأساطير العربية، التصميم الفني المذهل، وأسلوب لعب مبتكر. رغم بعض العيوب مثل الوتيرة البطيئة ونقص التوجيه، إلا أنها تنجح في تقديم مغامرة هادئة وتأملية تناسب اللاعبين الباحثين عن تجربة مختلفة. إنها شهادة على إمكانيات صناعة الألعاب العربية، وإنجاز يعكس الإبداع والشغف لفريق Starvania. إذا كنت من محبي الألعاب الفنية أو مهتمًا باستكشاف الثقافة العربية من منظور جديد، فهذه اللعبة تستحق وقتك واهتمامك.